أين تفتش عن الجمال ما لم
يكن هو نفسه طريقاً هادياً لك ،
وكيف تتحدث عن الجمال
ما لم ينسج لك ثوباً لائقاً لحديثك ،
 
فالحزين المتألم يقول
أن الجمال هو الرقة واللطف وهو
يمشي بيننا كالأم الفتية المتألقة في جلالها ،
والشخص الغاضب يقول :
الجمال هو قوة وبطش وهو كالعاصفة يهز
الأرض تحت أقدامنا والسماء من فوق رؤوسنا ،
والشخص التعب والملول
يقول :
ان الجمال لطيف المناجاة يتكلم في ارواحنا ،
ويتموج صوته في سكون أذهاننا ،
كما يرتعش النور الضئيل خوفاً من الظل الظليل
 
 
والشخص القلق والمضطرب
يقول :
قد سمعنا الجمال يصيح بأعلى صوته
بين الجبال ويرافق صوته وقع الحوافر وخفقان
الأجنحة وزمجرة الوحوش ,
وحارس المدينة في منتصف الليل
يقول :
سيبزغ الجمال مع الفجر من المشرق ،
وعند الظهيرة
يقول عابروا السبيل :
قد رأينا الجمال يطل على الأرض من نوافذ
المغرب وفي الشتاء
يقول جامعوا الثلوج :
سيأتي الجمال مع الربيع وهو يقفز على التلال ،
وفي الصيف
يقول الحاصدون :
لقد رأينا الجمال يرقص مع أوراق
الخريف وشاهدنا كومة
من الثلج فوق شعره ...
ولكننا لم نقل فيه كلمة واحدة وإنما تحدثنا
عن حاجاتنا غير المكتملة ،
فالجمال :
ليس بالحاجة الغير مكتملة ،
بل هو انشغاف وافتتان
و ليس فماً متعطشةً أو يداً فارغة ممدودة ،
بل هو قلب ملتهب ونفس مفتونة ساحرة ،
وليس بالصورة التي ترغبون رؤيتها أو
الأغنية التي ترجون سماعها ،
إنه هو الصورة التي تبصرونها ولو
أغمضتم أعينكم ،
والأغنية التي تسمعونها ولو
كانت آذانكم مغلقة ،
فهو ليس بالعصارة السائلة الجارية في
عروق الأشجار ،
ولا بالجناح المتعلق في مخالب الطيور ،
إنه البستان
الذي تزينه الأزهار إلى الأبد ،
فالجمال :
هو الحياة بعينها سافرةً عن وجهها
الطاهر النقي ،
و كلنا الحياة وكلنا الحجاب ،
والجمال:
هو الأبدية تنظر الى ذاتها في مرآة ،
ونحن من هم الأبدية ونحن
من هم المرآة ,,؟