حاجات الانسان

تتبدل ولكن محبته لا تتغير

ومثلها رغبته في أن تشبع
المحبة حاجاته..
فالضباب الذي يفارق الأرض
عند بزوغ الفجر
من غيرأن يترك سوى قطرات
صغيرة من الندى فوق الحقول ،
إنما يرتفع في الجو لكي يتجمع
ليؤلف السحب التي لا تلبث أن تعود
للأرض على شكل مطرغزير.
فإن حكمنا
عليكم بأصغر أعمالكم كنا كمن
يحكم على قوة البحر بما في زبده
من الضعف وسرعة الزوال ،
وإن حكمنا عليكم بخيبتكم كنا كمثل
من يلوم الفصول لتعاقبها
وعدم ثباتها,
فالمعرفة اللفظية ليست سوى ظل
للمعرفة غيراللفظية,
والحياة
تفتش عن الحياة في أجسام من
يخافون الثبور,
فمامن عطية في هذا العالم أجزل فائدة
للإنسان من العطية التي تحول
كل ما في كيانه من الميول والرغبات
إلى شفتين محترقتين عطشاً ،
وتجعل حياته جميعها ينبوعاً حياً
باقياً ومستمرا,ً
ففي أي وقت أجيء للينبوع متعطشاً
أجد الماء الحي المنعش والمتدفق
من فم الينبوع عطشانا فيشربني هذا
الماء كما أنا أشربه,
فاللطف الذي ينظرإلى ذاته في المرآة
ينقلب إلى حجر ،
والعمل الصالح الذي يسمي نفسه بأسماء
جميلة يصبح والداً لشر
فكيف يستطيع أي واحد أن يكون قريباً
مالم يكن بعيداً ؟
الغموض والسديم هما بداية كل شيء
لا نهايته .
وما يبدو لنا ضعيفاً متضعضعاً فينا
ذاك أقوى وأثبت ما في كياننا ،
فلهاثنا من يقيم بنيان عظامنا
ويشدده ،
والحلم الذي لم يحلم به أحد منا
هو الذي بنى مدينتنا وعمل كل
ما فيها . فلو كن
لنا أن ننظر لمجاري اللهاث لما
كانت لنا حاجة لأن ننظر لأي شيء
آخر سوآه. ؟,