الشك حالة تتمثل بعدم قدرة العقل على
التسليم بصحة مفاهيم معينة مع عدم قدرته على رفضها في الوقت
نفسه .
وذلك لعجزه عن تصنيفها كمفاهيم جديرة بالتصديق أوكمفاهيم جديرة
بالتكذيب ،
فهو غيرقادرعلى تصديقها لأنه يجد فيها ما يخالف منطق تفكيره
الشخصي بحيث أنها تبدو غير عادلة أو غير حكيمة أو غير موافقة


لرغبته الشخصية في الاتجاه الذي تأخذه مجريات الأمور.
وغير قادرعلى رفضها لأنه لا يستطيع الإتيان ببرهان قوي يؤكد
بطلانها ومجانبتها للحق .
فيسقط العقل في مأزق يشبه حالة من العقم لا يستطيع فيها أن يأخذ
فيتقبل ولا أن يعطي فيثمر .
لا يسلم بالحقيقة ولا يستطيع إثبات عكسها .
فإن استمر العقل على هذه الحالة فقد تعطلت أهم خصائصه وهي القدرة
على التمييز بين الخطأ والصواب أو الحق والضلال..
هذه القدرة التي منحت له بهدف قيامه ببناء المعتقدات الصحيحة التي
تمثل ذلك الضوء الداخلي الذي يرشده باتجاه الحقيقة في مسيرة حياته .
كما تجعله قادراً على تحليل المفاهيم الخاطئة لمحاولة تجنبها كي لا تعيق
مسيرته..
وبالتالي فإن الشك يضعف العقل ويصيبه بالعجز حال تحكمه بالعقل,
فإن كان الشك مرحلة مؤقتة للعقل واستطاع أن يثير القلق في نفس الإنسان
حيال هذا الوضع المضطرب فسوف يدفع بالعقل لمزيد من البحث ومحاولة
التحقق من تلك المفاهيم مع الاستعداد الكامل للإذعان للحقيقة مهما كان شكلها
حتى لو كانت تخالف هواه ..
فعند ذلك يصبح الشك شرف العقل لأنه سيؤدي به في نهاية المطاف إلى اليقين
والشرف فيه أنه توصل إلى اليقين ببحثه وعقله وليس بالتقليد الأعمى لمن يدافع
عن تلك المفاهيم مهما كان نوعها,
وتأتي قوته في الرفض من اعتماده على مشاعره الشخصية وليس على عقله
فهو ثائر على كل ما يخالف رغباته في المنحى الذي يجب أن تسير فيه الأمور
وهو غير مستعد للإذعان للحقيقة فيما لو خالفت هواه لا تستطيع إقناعه بوجود
الحقيقة .
لأنه ببساطة لا يرغب بتقبل وجودها ولأنها لا تعجبه ولا توافق هواه .
فالاحتمال عنده غير قائم لأنه حزم أمره واتخذ قراره معلناً رفضه للتصديق

بوجود الحقيقة .. ؟