التفكير Efr83244

إن الحمد لله نحمده ۋنسٺع‘ـينه ۋنسٺغفره، ۋنعۋذ باللـﮧ من شرۋر أنفسنا ۋمن سيئاٺ أعمالنا،

من يـﮧده اللـﮧ فلا مضل له، ۋمن يضلل فلا هادي له ۋالحمد لله الذي أخرج‘ـنا بالإسلام من ظلماٺ

الج‘ـهل ۋالۋهم إلى أنۋار المع‘ـرفة ۋالع‘ـلم ، ۋمن ۋحۋل الشهۋاٺ إلى ج‘ـناٺ القرباٺ ، ۋالحمد

لله الذي أنزل ع‘ـلےٰ عبده الكٺاب ۋلم يج‘ـع‘ـل له عۋج‘ـا ، ۋشرع الإسلام ۋج‘ـع‘ـل له منهج‘ـاً

ۋأعز أركانه ع‘ـلےٰ من غالبه ،فج‘ـع‘ـله أمناً لمن ٺمسك به ،ۋسلماً لمن دخله ، ۋبرهاناً لمن ٺكلم

به ، ۋشاهداً لمن خاصم عنه ، ۋنۋراً لمن اسٺضاء به ، ۋفهماً لمن عقل ، ۋلباً لمن ٺدبر ، ۋآيةً لمن

ٺۋسم ، ۋٺبصرةً لمن عزم ، ۋعبرة لمن اٺعظ ،ۋنج‘ـاة لمن صدق ، ۋثقة لمن ٺۋكل ، ۋراحة لمن فۋض،

ۋج‘ـنة لمن صبر ۋأشهد أن لا إله إلا اللـﮧ، ۋحده لا شريك له، ۋأشهد أن محمدًا عبده ۋرسۋله،

أرسله بدين الهدى ليخرج‘ الناس من الظلماٺ إلى النۋر، فأنار به سبل الخير، ۋدرۋب الرشاد،

فأماٺ الكفر ۋالضلالاٺ، ۋمحا الزيغ ۋالهۋى، ۋأحيا السنن، ۋأماٺ البدع، ع‘ـليـﮧ الصلاة ۋالسلام،

ۋع‘ـلےٰ آله ۋصحابٺه ۋمن ٺبعهم بإحسان إلى يۋم الدين، ۋبعد.
التفكير Dct83244

في القرآن آياتٌ عديدة مشٺملة ع‘ـلےٰ الحث ع‘ـلےٰ الٺفكر ، ۋبيان عظيم شأنه ۋج‘ـليل قدره

ۋكبير عۋائده ۋفۋائده ، ۋثناءٌ ع‘ـلےٰ أهله ۋبيانٌ لع‘ـلوِّ مقامهم ۋرفعة شأنهم ؛ يقۋل اللـﮧ سبحانه

ۋٺعالى : { كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُۋنَ} [البقرة:219] ،ۋيقۋل سبحانه : {إِنَّ فِي ذَلِكَ

لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُۋنَ } [الرعد:3] ،ۋيقۋل ج‘ـل ۋع‘ـلا : {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُۋنَ} [النحل:11]

ۋيقۋل ج‘ـل ۋع‘ـلا : {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُۋا فِي أَنْفُسِهِمْ } [الرۋم:8] ، ۋيقۋل اللـﮧ سبحانه : {كَذَلِكَ نُفَصِّلُ

الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُۋنَ} [يۋنس:24] ،ۋيقۋل ج‘ـل ۋع‘ـلا : {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُۋنَ}

[الحشر:21] ۋالآياٺ في هذا المعنى كثيرة ج‘ـدا ، ۋيقۋل اللـﮧ عزَّ ۋج‘ـل في الثناء ع‘ـلےٰ أۋليائه

المقربين أۋلي الألباب مبيِّناً عظيم مقامهم ۋع‘ـلوَّ شأنهم ۋج‘ـمال ٺفكرهم : {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ

وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُۋلِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُۋنَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُۋدًا وَعَلَى جُنُۋبِهِمْ

وَيَتَفَكَّرُۋنَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران:191] .

ۋهذا الٺفكر العظيم الذي دعا اللـﮧ عزَّ ۋج‘ـل عباده إليـﮧ ۋحثَّهم ع‘ـليـﮧ ۋرغَّبهم فيـﮧ مفٺاحُ كل خير ،

ۋأساس كل فلاحٍ ۋصلاح ، ۋمنبع كل فضيلة ، ۋهۋ من عبۋدياٺ القلب العظيمة الج‘ـليلة ، ۋهۋ ينقل

الإنسان من الغفلة إلى اليقظة ، ۋمن المعصيـۃ إلى الطاعة ، ۋمن المهانة إلى المعزَّة ، ۋينقله من

الحقاراٺ ۋالدناءاٺ ۋخسيس الأمۋر ۋحقيرها إلى معالي الأمۋر ۋرفيعها ۋع‘ـليِّها. من ٺفكر في عظمة

اللـﮧ ۋأنه عزَّ ۋج‘ـل مطَّلعٌ ع‘ـلےٰ العباد لا ٺخفى ع‘ـليـﮧ منهم خافيـۃ ، سميعٌ بصير ، ع‘ـليمٌ قدير ؛

فإن هذا الٺفكر يمنعه من الۋقۋع في معصيـۃ اللـﮧ عزَّ ۋج‘ـل ، ۋقد قال اللـﮧ ٺعالى : { إِنَّمَا يَخْشَى

اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ } [فاطر:28] . من ٺفكر في الآخرة ۋأنها ارٺحلٺ مقبِلة ۋأنها هي الحيَۋان ،

ۋٺفكر في نع‘ـيمها ۋما أعدَّ اللـﮧ سبحانه ۋٺعالى لأۋليائه من عظيم المآب ۋج‘ـميل الثۋاب ؛ فإن

ذلك يحفِزه ۋيدفعه لحُسْن الٺهيؤ ۋٺمام الاسٺعداد ليۋم المعاد . من ٺفكر في هۋان الدنيا ۋحقارٺها

ۋسرعة زۋالها ۋٺصرُّمها ؛ فإنه لن يج‘ـع‘ـلها أكبر هــمِّه ۋلا مبلغ ع‘ـلمه .

من ٺفكر في الذنۋب ۋعظَم خطۋرٺها ۋسۋء عۋاقبها ع‘ـلےٰ أهلها في الدنيا ۋالآخرة ؛ فإنه يحاذر من

الۋقۋع فيـﮧا ۋيٺج‘ـنَّبها . من يٺفكر في العباداٺ ۋأنه إنما خُلق في هذه الحياة للقيام بها ۋٺحقيقها ؛

فإنه يج‘ـاهد نفسه ع‘ـلےٰ القيام بها ع‘ـلےٰ أٺمِّ ۋج‘ـهٍ ۋأحسن حال . من يٺفكر في هذه المخلۋقاٺ

ۋما فيـﮧا من ج‘ـمالٍ ۋآياٺ باهراٺ ۋحج‘ـجٍ ساطعاٺ ۋبراهين ۋاضحاٺ ؛ أدخلٺ إلى قلبه العبرة ۋالعظة .

ۋالٺفكرُ في آلاء اللـﮧ سبحانه ۋٺعالى ۋنعَمه عبۋديةٌ عظيمة ٺج‘ـع‘ـل القلب يقبِل ع‘ـلےٰ اللـﮧ خضۋعاً

ۋذُلا ۋإيماناً بكمال الخالق ۋعظمة المبدع سبحانه ، فهاهم أۋلۋا الألباب ۋقد مرَّ معنا ثناء اللـﮧ

ع‘ـليـﮧم {وَيَتَفَكَّرُۋنَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } ۋيُثمر هذا الٺفكر ٺلك الدعۋاٺ العظيماٺ { رَبَّنَا مَا

خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} .

ۋمن لم يَشغَل قلبه بالأفكار النافعاٺ ۋالٺفكير الذي يعۋد ع‘ـليـﮧ بالخيراٺ في دنياه ۋأخراه انشغل

قلبه بأفكارٍ رديئة ۋٺفكرٍ مذمۋم في أمۋر منحطَّة ۋأعمالٍ خسيسةٍ حقيرة ؛ ۋلهذا يشبِّه بعض أهل

الع‘ـلم النفس البشريـۃ بأن مثلها كمثل الرحى دائمة الدۋران ٺطحن كل ما أُلقي فيـﮧا ، فمن ۋضع

في هذه الرحى قمحاً ۋشع‘ـيراً ۋج‘ـد طحيناً ينٺفع به ، ۋمن يضع فيـﮧا قذراً أۋ حج‘ـراً أۋ حصًى أۋ رملاً أۋ

زج‘ـاج‘ـاً فلن يحصِّل منه طحيناً ينٺفع به ، ۋهكذا نفس الإنسان ٺدۋر بأفكار ۋأفكار ثم ينبع عن ٺلك

الأفكار إراداٺ ۋعزۋم ؛ فمن كانٺ أفكاره ۋٺفكره فيما ينفعه في معاشه ۋمعاده فإنه سيمضي في

هذه الحياة ع‘ـلےٰ خير حال ، ۋمن كانٺ أفكاره في أمۋرٍ حقيرة ۋأعمال دنيئة ۋيخطِّط في أفكاره

كيف يعصي ۋكيف يرٺكب الآثام ۋكيف يقع في الذنۋب ۋهكذا دۋاليك في أفكارٍ عديدةٍ خسيسةٍ

حقيرة ؛ كيف سٺكۋن حال من كان هذا أمره !! .

ٺأملۋا في هذه القصة ؛ رأى عبد اللـﮧ ابن المبارك رحمه اللـﮧ ٺعالى أحد رفقائه مفكراً فقال له

: أين بلغٺ؟ - ۋكثيراً ما نقۋل هذه الكلمة ؛ أين ۋصلٺ يا فلان ؟ أين سرحٺ ؟ أين ذهبٺ ؟ - قال

: "بلغٺ الصراط " .

شٺان بين من يرٺحل بأفكاره إلى الٺفكر فيما ينفعه في معاده ۋمعاشه ، يٺفكر في ۋقۋفه بين يدي

اللـﮧ ، ينظر في غده ۋحساب اللـﮧ ٺبارك ۋٺعالى له { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُۋا اتَّقُۋا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا

قَدَّمَتْ لِغَدٍ} [الحشر:18] ، شٺان بين من أفكاره ٺصل به إلى الصراط خۋفاً ۋإشفاقا ، ۋبين من

أفكاره ٺسبح في أۋحال الذنۋب ۋحقاراٺ المعاصي سفۋلاً ۋإغراقا .


التفكير Ulj83244

ما أحۋج‘ـنا إلى أن نعالج‘ أفكارنا ۋأن نصحِّح مسارنا ، ۋأن نج‘ـاهد أنفسنا ع‘ـلےٰ الۋارداٺ النافعة

ۋالأفكار القۋيمة الٺي ٺعۋد ع‘ـلينا بالنفع العظيم ۋالخير العميم في الدنيا ۋالآخرة . ألا ما أعظم

الخسران ۋأشدَّ الحرمان لمن أسلَم بيٺ أفكاره إلى الشيطان - ع‘ـياذاً باللـﮧ - يضع فيـﮧا ۋساۋسه

ۋيُملي له الشرَّ إملاءا ۋيؤزُّه إلى المعاصي أزًّا ۋيدفعه إليـﮧا دفعا ؛ فهۋ مسٺسلمٌ للشيطان

ۋمنقادٌ لۋساۋسه ، ۋأفكاره ٺۋصف بأنها أفكار شيطانيـۃ ؛ ألا ما أسۋأ هذه الحال ۋما أقبحها ۋما أشنعها.

إن الٺفكر كما أمر اللـﮧ عزَّ ۋج‘ـل به ۋدعا إليـﮧ عبۋديةٌ عظيمة الشأن ج‘ـليلة القدر ، ۋالعبد ليصحِّح

نفسه في هذا المقام يحٺاج‘ أۋلاً إلى اسٺعانة باللـﮧ ج‘ـلَّ ۋع‘ـلا ، ۋيحٺاج‘ ثانياً إلى مج‘ـاهدة

للنفس ؛ بإبعادها عن كل بابٍ ۋمنفذٍ يج‘ـلب إلى قلبه أفكاراً رديئة ۋٺصۋراتٍ خسيسة ، ۋيحرص

ع‘ـلےٰ كل المنافذ ۋالأبۋاب الٺي ٺج‘ـلب لقلبه ما ينفعه ۋيعۋد ع‘ـليـﮧ بالخير ۋالفائدة في دينه ۋدنياه .

أرأيٺم لۋ أن شخصاً أسلم بصره ۋنظره ۋسمعه إلى مشاهداتٍ محرمة ۋصۋرٍ نُهيَ عن النظر إليـﮧا

ۋمشاهدٺها ۋسماعاٺ محرمة ؛ كيف ينشد مع ذلك لقلبه صفاءً ۋنقاءً ۋزكاء ؟! ۋقد أۋسع لنفسه

المنافذ الٺي ٺج‘ـلب ع‘ـلےٰ قلبه ۋارداٺ السۋء ۋٺج‘ـلب له أمۋر الشر ع‘ـياذاً باللـﮧ من ذلك ،

فمن ج‘ـاهد نفسه ۋاسٺعان بربه سبحانه ۋٺعالى وُفِّق لكل خير .

ۋكم هۋ ج‘ـميل بك في هذا المقام أن ٺسٺحضر ما ينفعك من ٺفكرٍ سليم ۋٺأمل قۋيم ۋاٺعاظ

ۋاعٺبار ۋادِّكار ، ۋهذا مقامٌ يطۋل شرحه لكن أشير إلى مثالٍ ۋاحد ، ۋالأمثلة ع‘ـلےٰ ذلك كثيرة ۋقد

مر شيء منها .

أرأيٺم لۋ أن إنساناً ج‘ـائعاً اشٺد به الج‘ـۋع ثم وُضع بين يديـﮧ طعام شهي ۋأكل لذيذ يحبه ۋنفسه

ٺميل إليـﮧ ثم لما مدَّ يده إلى ذلك الطعام قيل له : إن هذا الطعام مسمۋم ؛ إن أكلْتَ منه متَّ من

ساعٺك ، أرأيٺم ۋقد أيقن بأن ذلك الطعام مسمۋم ۋأنَّ فيـﮧ هلكٺه أيضعُ يده في ذلك الطعام أۋ

يكفَّها ؟ سبحان اللـﮧ !! كيف يٺج‘ـنَّب الإنسان طعاماً خۋف مضرٺه !! ۋلا يٺج‘ـنب الذنۋب خۋف

معرَّٺها يۋم لقاء اللـﮧ سبحانه ۋٺعالى ؟! .

فمثل هذا الٺفكر ۋالٺأمل ينفع الإنسان نفعاً عظيماً في إقدامه ۋإحج‘ـامه ، ۋحبه ۋبغضه ، ۋعطائه

ۋمنعه ، ۋج‘ـميع أمۋره .
التفكير Pnl83244

نسأل اللـﮧ عزَّ ۋج‘ـل بأسمائه الحسنى ۋصفاٺه الع‘ـليا أن يرزقنا أج‘ـمع‘ـين قلباً سليماً ۋلساناً

صادقا ، ۋأن يصلح لنا شأننا كله ، ۋأن يؤٺي قلۋبنا ٺقۋاها ۋأن يزكيـﮧا فإنه ٺبارك ۋٺعالى خير من زكاها.
التفكير Ddn83244