من حرم المشتبه فقد زاد في الدين ما لم يأذن به الله تعالى
من حرم المشتبه وأفتى بذلك وحكم به على الناس فقد زاد في الدين ما لم يأذن به الله تعالى، وخالف النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واستدرك على ربه تعالى بعقله أشياء من الشريعة.
ويكفي من هذا كله إجماع الامة كلها نقلاً عصراً عن عصر أن من كان في عصره عليه السلام وبحضرته في المدينة إذا أراد شراء شئ مما يؤكل، أو ما يلبس، أو يوطأ، أو يركب، أو يستخدم، أو يتملك أي شئ كان، أنه كان يدخل سوق المسلمين أو يلقى مسلماً يبيع شيئاً ويبتاعه منه، فله ابتياعه ما لم يعلمه حراماً بعينه، أو ما لم يغلب الحرام عليه غلبة يخفي معها الحلال ولا شك أن في السوق مغصوباً ومسروقاً ومأخوذاً بغير حق، وكل ذلك قد كان في زمن النبي عليه الصلاة والسلام إلى هلمَّ جرا، فما منع النبي عليه الصلاة والسلام من شئ من ذلك، وهذا هو المشتبه نفسه، فعَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُمْ قَالُوا: "يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ قَوْمًا حَدِيثُو عَهْدٍ بِالْجَاهِلِيَّةِ يَأْتُونَ بِلُحْمَانٍ لَا نَدْرِي أَذَكَرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا أَمْ لَمْ يَذْكُرُوا أَفَنَأْكُلُ مِنْهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمُّوا اللَّهَ وَكُلُوا" [سنن أبي داود:كِتَاب الضَّحَايَا؛ بَاب مَا جَاءَ فِي أَكْلِ اللَّحْمِ لَا يُدْرَى أَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَمْ لَا][صحيح وضعيف سنن أبي داود تحقيق الألباني :صحيح]وهذا يرفع الإشكال جملة في هذا الباب.