ماذا أعددتم لهــ ..!







الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وإمام المتقين وقدوة الزاهدين وصفوة خلق الله أجمعين وقائد الغر المحجلين ورحمة الله للعالمين الرحمة المسداه والنعمة المهداه وعلى اله وصحبه أجمعين ومن اقتفى اثره واتبع سنته إلى يوم الدين


أما بـــعـــد



ما أشبه الانسان بالهلال يبدو في أول الشهر وليداً ثم يكبر حتى يبلغ أشده في منتصف الشهر فيكون بدراً واضح الرؤية عظيم الفائدة وما يلبث كذلك إلا ويعود إلى الضعف والتراجع حتى يبلغ أرذل العمر قبل انصرام الشهر ثم ينطوي ويختفي ليظهر هلال شهر جديد وزمن جديد وكذلك الانسان يولد صغيراً فقيراً حسيراً ثم يترعرع ويكبر حتى يبلغ أشده مروراً بمرحلة الشباب حتى اكتمال النضج أذا بلغ أربعين سنة قال تعالى (( حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً)) ثم يعود إلى الانحدار من جديد ليصل إلى أخر محطة وهي محطة أرذل العمر إن كتب الله له بقاء حتى يصلها وهو في هذه المحطة ينتظر قافلة هادم اللذات ليصحبهم إلى تلك الدار التي يقصدها شاء أم أبى فما هي الا عشية أو ضحاها حتى يختفي هلال عمره ليهل عليه هلال عمر جديد وحياة جديدة لايعلم تقديرهاولا مقدارها إلا عز وجل تلكم هي حياة البرزخ قال تعالى (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ))



أحبتي في الله
هناك مدخل رئيس وهناك حقيقة لابد من طرحها وقضية لابد من مواجهتها قضية لابد أن نواجهها نحن ولابد أن يواجهها كل واحد في هذا المجلس ولابد أن يواجهها كل مسلمٍ وكافر كل بعيدٍ وقريب كل ذليل وحقير كل عزيزٍ وأمير كل صعلوكٍ ووزير هي حقيقة المـــوت هي نهاية المطاف وخاتمة الدنــيا والليلة الاولى لدخول القبر





أحبتي
كلنــا لابد أن يعيش هذه الليلة العجيبة كلنــا لابد أن يفارق هذه الدنيا التي ماسميت دنيا الا لدنائتها وحقارتها ووضاعتها عند من خلقها سبحانه وتعالى ولو كانت الدنيا تساوي عند الله جناح بعوضة لماسقى كافراً منها شربة ماء ولكن الرحلة إلى تلك الليلة رحلة طويلة إنها



أول ليلة في القبر



أول ليلة في القبر كيف ترانا نكون هل تكن ليلتنا الاولى روضة من رياض الجنان أو تكن ليلتنا الاولى حفرة من حفر النيران
هل ندخل ليلتنا الاولى ونحن مزودون بصالح الاعمــال أو ندخل ليلتنا الاولى وأذا بالاغلال والأثام



هي ليلة واحدة ولكن (( مأعجب تلك الليلة ))


دخل النبي صلى الله عليه وسلم دخل إلى مقبرةٍ في جنازة وحينما وقف على شفير القبر بكى
بكى رسول الامة بكى من قد غُفر ماتقدم من ذنبه وما تأخر لماذا يبكي رسول الامة بكى وحثا على رأسه التراب




وقال ياأخوتــاه يـاأخوتـــاه لمثل هذا فأعدوا لمثل هذا فأعدوا ( بكى لانه يعلم أن هذه الليلة هي الليلة الفاصلة )
هي ليلة من أول ليالِ الحياة الحقيقة في ليلة من حياة الجنة أو من حياة النـــار




وبكى عثمان رضي الله عنه على قبر حتى بل الثرى
فقال له الاصحاب ياأمير المؤمنين تُذكر الجنة والنار فلا تبكي وحينما رأيت القبر تبكي
قال هذا اول منزل من منازل الاخرةفإن كان نعيماً فما بعده أنعم وخيراً منه وإن كان شراً فما بعده أشر منه


قلوبٌ ماأحيـــاهــا


كان أسلافنا يعيشون ولكن قلوبهم معلقة في عنان السماء لان الدنيا كانت في أيديهم والاخرة كانت في قلوبهم فإذا جاء داعي الله قالوا للدنيا إليكِ وإذا جاء داعي الدنيا طردوها لانها في أيديهم



فمن أخلاقهم رضي الله عنهم كثرة الحزن والهم كلما تذكروا الموت وسكراته ومثالاً لذلك علي بن أبي طالب عندما بكى رضي الله عنه وأرضاه حينما تذكر الرحيل من هذه الدنيا وقال آهـ آهــ من قلة الزاد وطول السفر والمنزل إما الجنة او النـــار



الا كل حي هالٌ وأبنُ هالك ... وذو نسبِ في الهالكين عريقُ
وإذا امتحن الدنيا لبيبٌ تكشفت ... له عن عدوٌ فيثيابٍ صديقُ


والله أذا عاينا لحظات الاحتضار وكلنا سيعاين ذلك ولكن منا من سيمضي سعيداً ومنا من سيمضي شقيا
منا من سيفارق الدنيا بلا اله الا الله ومنا من سيفارق الدنيا بالخزي والعار
منا من سيفارق الدنيا ووجهه أبيض مستبشراً مبشراً بالروح والريحان ومنا من سيفارق الدنيا وهو مبشرٌ بالسخط والنيرا والعياذ بالله




يقول أحد مغسلي الموتى جيء بميتٍ فلما أبتدأنا بتغسيله انقلب لونهُ كأنهُ فحمةٌ سودا وكان قبل ذلك أبيض البشرة فخرجت من مكان التغسيل وأنا خائف فوجدتُ رجلاً واقف فقلتُ ماهذا هذا الميت لكم قال نعم قلت أنت أبوه قال نعم قلت فما شأن ميتكم قال الاب
أنهُ لم يكن من المصلــــيـــن

فقلتُ له خذ ميتك وغسله أنت أما حكم الله ورسوله في مثل هذا فهو لايُغسل ولا يُكفن ولا يُصلى عليه ولا يُدفن في مقابر المسلمين ولا يُحمل على الاكتاف بل يُجر على وجهه فتحفر له حفرةً في الصحراء يُكب فيها على وجهه قال تعالى (( وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ))



هذا من أخبار اولئك الذين سلكوا طريق الغواية أما من أخبار اولئك الذين سلكوا طريق الهداية فيقول أحد مشايخنا دفنا شاب بعد صلاة الظهر كان داعية كان مواظباًمحافظاً على الصلاة في المسجد فلما غسلناه وكفناه استنار وجهه وأشرق فلما أتينا القبر وكنت ممن نزل في القبر لانزاله فقلت بسم الله وعلى ملة رسول الله



فإذا به أُخذ مني وأستقبل القبلة قبل أن أنزله فقلت لصاحبي شعرت بما شعرتُ أنا قال سبحان الله أُنزل من يدي قبل أن أُنزله أنا في القبر فلما كشفت عن وجهه وجدته يضحك فداخلني الخوف بأن يكون حي وأنا الذي غسلته وكفنته فسبحان من وفق لحسن الختام أوام وخذل أقواماً ولا يظلم ربك أحدا



لاتظن أن الامر بالموت انتهى بل هناك بدايةٌ ونهايةٌ أُخرى ولو أنا إذا متنا تُركنا لكان الموت راحة كل حيٍ ولكنا إذا متنا بُعثنا ونُسأل بعده عن كل شيٍ


نعم سيبعثر مافي القبور وسيحصل ما في الصدور
هي ساعةٌ واحدة نفارق فيها الدنيا قال بعض العلماء والله أن سكرة الموت أشد من سبعين ضربة بالسيف والله أن الموت شديد أشد من نشر بالمناشير وطرقٍ بالسيوف
سُئل داود عليه السلام وهو في نزع الموت فقيل له : كيف ترى الموت قال : كأني أرى الموت كأن شجرةً ذات أشواك أُدخلت في جوفي فتعلقت كل شوكة بعرق من عروقي ثم جذبها رجلٌ شديد الجذب



هذا وهو نبيٌ من أنبياء الله


وحينما حضرت خير العباد صلى الله عليه وسلم الوفاة كان عنده ماء وكان يمسح وجهه بالماء وهو يقول
لا اله الا الله إن للموت لسكرات إن للموت لسكرات


رسول الله يشتد عليه الموت وهو رسول الله فكيف بنا بأهل الذنوب الغارقين كيف بنا نحن المفرطين المبتعدين عن دين الله رب العالمين



ولما دخل المُزني عليه رحمة الله على الشافعي وهو في لحظات الاحتضار قال له كيف أصبحت ياأمام قال أصبحت من الدنيا راحلا ومن الاخوان مفارقا ولا أدري روحي تصل إلى الجنة فأهنيها أو إلى النار فأُعزيها



والروح منك وديعةٌ أودعتها. ستردها بالرغم منك وتسلبُ
وغرور دنياك التي تسعى لها ... دارٌ حقيقتها متاعٌ يذهبُ
والليل فعلاً والنهار كلاهما ... أنفاسنا فيها تعد وتحسبُ
وجميع ما حصلته وجمعته ... حقاً يقيناً بعد موتك يذهبُ


ملك الموت قد تخطانا لغيرنا وسيتخطى غيرنا إلينا كل باكٍ فسيبكى كل حاملٍ سيحمل ليس غير الله يبقى ماهي الا أيام حتى يُقال رحل فلان أبن فلان



مضى إلى أين /// إلى الجنة أو اإلى النـــــــار
مضى إلى أين /// إلى حفرةمن حفر النيران أو روضةٍ من رياض الجنان
..


فشتــــان بين النور والظلمـــــــــاء شتان


إذا نزل ملك الموت على المبتعدين عن شرع الله أتى ملك الموت لقبض روح العبد العاصي أتى ملك الموت وملائكة العذاب خلفه معهم حنوطُ من النار وكفنٌ من النار فيجلس منه مد البصر ثم يبدأ بنزع تلك الروح ويقول أُخرجي أيتها الروح الخبيثة أُخرجي إلى سخطٍ من الله وغضب فتخرج روحه تنتزع منه انتزاعاً والعياذ بالله لايستطيع الفكاك لايستطيع الخلاص إن صاح لم يُسمع [فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]يقول ماهي أمانيه في تلك اللحظة (( رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ))


تخرج هذه الروح فيبتدرها ملائكة العذاب وينتزعها ملك الموت ويكفنونها بتلك الاكفان وتكون لها ريح كأنتن ريح جيفة وُجدت على الارض ثم تفتح لها أبواب السماء ولا تفتح لها أبواب السماء فيقول اهل السماء روح فلان أبم فلان هذه الخبيثة التي جاءتنا من الارض لا بارك الله فيكِ ولا بجسدٍ كنتِ تحملينه
فيُقال هذه روح فلان أبن فلان بأقبح الاسماء التي كانوا يسمونه في الدنيا فيعلن الله غضبه من فوق سبع سموات أن قد غضبت على عبدي فأفرشوا له من النار ومهدوا له من النار



والبسوه من النار ثم تلقى روحه والناس يحملونه الى المقابر فتقول الروح مخاطبةً إلى ماذاتستعجلون وإلى أين بي تذهبون فإذا وضع في قبره وهيل عليه التراب دخل القبر وحيدا دخل القبر فريدا دخل القبر بلا صاحب لا ونيس الا الاعمال فإذا الاعمال مخزيةوإذا الوجه أسود مرمادا وإذا المكان ظلمة وديدان في هذه اللحظة يضمه القبر ضمة تختلف فيها أضلاعهُ



ثم من بعد ذلك يأتي رجلٌ أسود الثياب أسود البشرة كريهة الرائحة خبيث المنظر فيقول له من انت وجهك يجيءُ بالشر فيقول أنا عملك السيء ولن أفارقك ابدا ثم يبدأ يوبخه فيأتيه الملكان منكر ونكير فيجلسانه فيقولان له من ربك فيقول ها ها لاأدري فيضربونه بمرزبة من حديد يهوي بها في الارض سبعون ذراعا ثم يخرج فيقولان له ما دينك فيقول ها ها لاأدري فيضربونه بمرزبة من حديد يهوي بها في الارض سبعون ذراعا ثم يخرج فيقولان له ماتقول في الرجل الذي بُعث فيكم فيقول سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته ها ها لا أدري فيقالُ له لا دريت ولا تليت ثم يضرب بمرزبة من حديد ثم يفتح عن يمينه فتحة إلى جنان الخلود فيزدادُ ألماً وحسرة فيقول اُريدها فيُقال له هذا مكانك لو أنك أطعت الله ثم تغلق وتفتح له فتحة عن شماله من النار يأتيه من زقومها وحميمها وحرها فيقول لا أُريدها فيُقال له هذه مكانك الان هذا يومك الذي كنت توعد ضيعتنا وضيعناك نسيتنا فنسيناك في ساعة كنت أحوج الناس إلى أن نذكرك ثم يضيق عليه في قبره فياليت شعري كيف يتحمل أحد منا هذا العذاب أو ليت شعريكيف بنك أذا وُسدت التراب ثم مع ذلك يقول اللهم لا تقم الساعة اللهم لا تقم الساعة لانه يعلم أن عذاب النار أشد وأبقى

إصبر لمر حوادث الدهرِ ... واصبر فلتحمدن مغبة الصبرِ


اصبر على حوادث الدنيا اصبر على معاصيها اتركها من أجل رب السموات والارض فلتحمدن مغبة الصبر يون ان تدخل الارض يوم ان توسد التراب



قال تعالى ((أنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ ))


يقولها حينما يدخل القبر حينا يرى العذاب ولكن لاينفع الندما اليوم تبكي وينفعك البكاءُ وغداً تبكي ولا ينفعك البكاءُ . عذاب القبر شديد والله الذي لا اله الا هو إن منظر القبر فظيع فكيف وأنت تدخله وأنت تسمعُ الغناء وأنت مضيعُ لامر الله وأنت مضيع للصلاة


بماذا تخرج روحك كيف الخروج من هذه الدنيا أتخرج على العبادة أتخرج على كلمة التوحيد أم تخرج على غيرها والعياذ بالله كيف تخرج هذه الروح والله لا ندري كيف تخرج ولكن ((يثبت اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ ))



ويقول الله تعالى ((لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ ))



احبتي :


إننا مقدمون على أمر خطير فإذا كنت من أهل العبادة ومن أهل الفلاح جعلني الله وإياكم منهم نزل ملائكة الرحمة معها حنوط من الجنان وكفن من الجنان فينزل ملك الموت لقبض روحك ويقول أخرجي أيتها الروح الطيبة أخرجي إلى روح وريحان وربٍ راضٍ غير غضبان فتخرج الروح سهلة لينة وبعد أن تخرج الروح يأخذها الملائكة ويكفنونها بكفن من الجنة فترتفع في السماء فتفتح لها أبواب السماء فيقول أهل السماء روح من هذه الطيبة فيقولون هي روح فلان ابن فلان بأحب أسمائة التي كانوا يسمونه بها في الدنيا فيقولون بارك الله فيكِ وبجسدٍ كنتِ تحملينه ثم يعلن الله رضاه من سبع سموات ان قد رضيت على عبدي فأفرشوا له من الجنة ومهدوا له من الجنة فتنزل الروح والناس يحملونه إلى المقابر فتقول عجلوني عجلوني تقول الروح عجلوني عجلوني



فإذا وضع في قبره ضمة القبر ضمة تختلف فيها أضلاعة وهذا اخر عناء يجده يرحمه الله ثم يأتي من بعد ذلك رجلاً أبيض الوجة أبيض الثياب طيب الرائحة فيقول من انت وجهك يجئ بالخير فيقول انا عملك الصالح ولن افارقك أبدا فيؤنسه فيأتيه الملكان فيجلسانه فيقولان له من ربك فيقول ربي الله مادينك فيقول ديني الاسلام ماذا تقول في الرجل الذي بعث فيكم فيقول هو محمد ابن عبد الله صلى الله عليه وسلم فتفتح له فتحة عن يساره إلى النار فيقول لا اريدهذه فيقال له هذا مكانك لو أنك عصيت الله وتغلق وتفتح له عن يمينة فتحة من الجنة فياتيه من روحها وريحانها فيقال هذا مكانك الان هذا يومك الذي كنت توعد ثم بعد ذلك يقول ربي أقم الساعة لكي أرجع إلى اهلي وأولادي فتقول الارض مخاطبة ياولي الله أحببتك وأنت على ظهري فكيف أذا صرت في بطني فلترين ماأفعله فيمد له في قبرة مد البصر


أحبتي :



ماأشد لحظة الرحيل وماأشد فراق الدنيا وماأشدها والله تصور نفسك في ذلك القبر وحيداً فريداً تصور نفسك يوم أن يعلوك التراب تصور نفسك يوم أن تُذكر زلاتك وغدراتك يوم أن ترى ذنوباُ نسيتها ولكن الله لا ينساها يوم أن توضع في تلك اللحود في بيت الدود
ماحالك أذا بدأ الدود في نهش عظامك ما حالك اذا كان قبرك حفرة من حفر النيران والعياذ بالله



لذا لابد ان نستعد لتلك الليلة ولابد أن تستعدوا لها لكن الاستعداد ليس بالاماني والتسويف انما بالعمل والمبادرة والاستعداد ليوم الرحيل
لابد أن نستعد لها كما استعد اسلافنا ضحوا بأعمارهم وحياتهم كان عمر ابن عبد العزيز رضي الله عنه وارضاه إذا صلى الفجر لايريد أن ينام يطوف في بيته حتى لاينام فإذا غلبه النوم قال



وكيف تنام العينٌ وهي قريرةٌ ولم تدري في أي المحلينِ تنزلُ



رحل مالك ابن دينار رضي الله عنه وارضاه السوق فرأى كثرة الناس فماذا قال رضي الله عنه وارضاه قال



إلـــه مــالــك قد علمتَ ساكن الجنة من ساكن النار فأيُ الدارين دارُ مالك فذرفت دموعه وخرج من السوق ولم يقضي حاجتة


قلوبٌ أرتبطت بخالقها وبارئها


قلوبٌ عاشت مع الله قلوبٌ لاتريد سوى جنة الله هذا شيخ الاسلام ابن تيمية عليه رحمة الله حياته كلها دعوة ليلة قيام نهاره صيام ودعوة وهب حياته لله ودخل السجن طويلاً وكثيراً ولكنه عليه رحمة الله كان ذات يوم مع ابن القيم في السجن فصلوا الفجر سويا فلما صلوا الفجر جعل شيخ الاسلام يبكي حتى الضحى فلما انتهى قال له ابن القيم مالك ياإمام قال ياابن القيم لقد كنت منذ الفجر إلى الان وأنا أتفكر في سورة الفاتحة والله اندهشت بعجائبها ياابن القيم إذ أن في الدنيا جنة من لايدخلها لا يدخل جنة الاخرة


أسفا على ماضيعتُ من عمري في غير كتاب الله


لا إله الا الله ماكان عمر ابن تيمية كله جهاد ودعوة ومع ذلك يقول أسفا على ماضيعتُ في غير كتاب الله ونحن والله لو بكينا الدم بدل الدموع أسفا على ماضيعنا وفرطنا ليس في الدعوة وإنما في المعاصي والذنوب



أمامنا جنة وأمامنا نــــار


(( وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِأَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ ))



وأخيــــراً أحبتي في الله :


تفكروا أين رُفقاءنا وأخواننا أين ذهب معارفنا وجيراننا أين أصدقاؤنا أين زملاؤنا وأقراننا أين علماؤنا العاملون بعلمهم أين أباؤنا وأجدادنا رحلوا وقل والله بعدهم بقاؤنــا
هذه مساكنهم فيها غيرهم قد نسيناهم ونسيهم محبهم وجفاهم
أين أصحاب القصور الحصينة والأنساب العالية الرصينة والعقول الراجحة الرزينة قبضت عليهم يد المنايا فظفرت ونُقلوا إلى أجاثٍ مامُهدت إذ حُفرت ورحلوا بذنوبٍ لا يدرون هل غُفرت أو بقيت



فالصحيح منهم بالحزن قد سُقم والمعوا إلى دار البلى أسرع ولم يُقم والكتاب قد سُطر بالذنوب فرقم ولذيذ عيشهم بالتنغيص قد خُتم وفراقهم لاحبابهم وأموالهم قد حُتم والولد قد ذل ويُتم فتفكروا في القوم كيف رحلوا وتذكروا ديارهم أين نزلوا وأسألوا منازلهم عنهم ماذا فعلوا فأنتبهوا من رقادكم قبل أن تصلوا إلى ماوصلوا



وصلي اللهم وسلم على سيدنـــا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
وأخــــــــــر دعوانــا أن الحمد لله رب العالمين