المقصود بعلم النفس الصناعي\
علم النفس الصناعي / الموارد المهنية / التوجيه و الاختيار المهني

الموارد المهنية
التوجيه والاختيار المهني
1- عوامل اختيار المهنة
يختار كثير من الناس مهنهم نتيجة لرغبات طارئة , أو نصائح عارضة من صديق أو قريب , علي أثر قراءة قصة في كتاب , أو مشاهدة فيلم سينمائي أو سماع محاضرة حماسية , أو الاتصال بشخصية بارزة في مهنة , أو تحت ضغط الوالدين وتقاليد الأسرة , أو لأن المهنة تتمشى مع مستوى الطموح الذي رسمه الفرد لنفسه في الحياة .. كل أولئك دون أن ينظر الفرد إلي ما لدية من قدرات واستعدادات وصفات مختلفة لابد منها لنجاحه في مهنته .
وأغلب الأمر أن الإنسان لا يختار مهنته نتيجة لعامل واحد أو دافع واحد , بل نتيجة تفاعل عوامل ودوافع شتي تهيمن علي هذا الاختيار وتتحكم فيه , عوامل ذاتية تتصل بشخصيته وتكوينه النفسي الفطري والمكتسب , أو أخري خارجية تتصل ببيئة الاجتماعية وبمجال العمل في المهن المختلفة .. دوافع شعورية يفطن إلي وجودها كمن يفضل مهنة التدريس علي مهنة التصوير إرضاء لدافع التقدير الاجتماعي في ظنه , ودوافع لاشعورية – أي لا يفطن إلي وجودها – كمن يختار مهنة شديدة البعد عن مهنة والده لأنه يحمل لأبيه كراهية مكبوتة .
الواقع أن الإنسان يختار مهنته – كما يختار زوجته – ونفسه زاخرة بكثير من الدوافع والعواطف والعقد النفسية والمعتقدات وعادات صالحة أو غير صالحة للتعامل مع الناس .. إلي غير تلك من الدوافع التي اكتسبتها تدريجيا من جو الأسرة التي نشأ فيها طفلا صغيراً ؛ والمدرسة التي اختلف إليها , والأتراب الذين زاملهم , وفي ظل الطبقة الاجتماعية التي تنتمي إليها الآسرة .. ولكل أسرة ثقافتها الخاصة , ووضعها الاقتصادي الخاص , وطموحها وتقاليدها وشعائرها ونظرتها الخاصة إلي مختلف المهن : نظرة احترام إكبار لبعض المهن ونظرة ازدراء و لمهن أخري . يضاف إلي ذلك ما يتسم به الفرد من حيوية موروثة ومزاج خاص وذكاء فطرى . والذكاء من دون شك عامل له خطره في اختيار المهنة : فالأذكياء يكونون أقرب إلي الواقع عادة وأبعد عن الخيال في اختيار مهنهم لأنهم أدني إلي فهم أنفسهم وقدراتهم ممن لا ينعمون بمستوى رفيع من الذكاء.
هذه العوامل والدوافع التي بدأ مولدها من عهد مبكر في حياة الفرد .. يتفاعل بعضها مع بعض , يؤثر بعضها في بعض . بما يجعله يميل إلي اختيار مهن معينة . فإذا به يستجيب للنصح أو لما يقرأ أو يسمع إن تمشى ذلك مع هذا الميل , أو يعزف عن مهن أخري فلا يجدي فيه النصح ولا تؤثر فيه قراءاته ومشاهداته .. حتى ليمكن القول أن اختيار المهنة يبدأ من عهد الطفولة .
وقد تكون نتيجة هذا الاختيار نجاحا وتوفيقا . أو تكون فشلا وإخفاقا مع ما يجره هذا الفشل من أضرار بالغة تحقيق بالفرد ومن ثم بالمجتمع , إذ ليس أضر بالكافية الإنتاجية للفرد من قيامه بعمل لا تؤهله له قدراته واستعداداته , وليس أضر بصحته النفسية من قيامه مضطرا بعمل كريه إلي نفسه حتى إن كان منتجا فيه .
دوافع هامة في الاختيار
لم يعد العمل في حضارتنا الراهنة بمجرد وسيلة لكسب الرزق ؛ بل أصبح فوق ذلك وسيلة لإرضاء كثير من الدوافع والحاجات النفسية للفرد , كالحاجة إلى الأمن والحاجات إلي التقدير الاجتماعي , والحاجات إلي التعبير عن الذات وتوكيدها , ومن ثم كانت هذه الدوافع عوامل هامة في اختيار المهنة .
فمن الناس من يميلون إلى اختيار المهن الآمنة التي تجنبهم المواقف العسيرة أو الحرجة . وهذا يصدق بوجه خاص علي من يختارون مهنة التدريس . فحياة المدرسة بعيدة عن كثير من الصعوبات والمشكلات وضروب التنافس والتناحر التي يزخر بها العالم الخارجي عادة . ولعل هذا الدافع إلى التماس الأمن والهرب من المآزق هو ما يدفع بعض الناس إلى اختيار المهنة التي يراها علي مر الزمن.
والتقدير الاجتماعي من الدوافع الهامة في اختيار المهنة . فمرتب المدرس قد يكون أقل من دخل بواب العمارة ؛ ومع هذا يفضل كثير من الشباب المهنة الأولي . نقول الشاب لأنهم في العادة شديدو الحساسية للتقدير الاجتماعي .
كذلك الشعور بالنقص قد يكون دافعا قويا إلي اختيار المهنة . فكثير ممن يعانون تقصا جسيما أو اقتصاديا – حقيقيا أو موهوما – ينزعون إلي التعويض عما يشعرون به من عجز عن طريق أعمالهم . ويقال إن المصابين بعيوب في النطق تستهويهم المهن التي تتطلب الكلام , وأن المصابين بعيوب في البصر تستهويهم مهن الرسم والتصوير ؛ وأن ضعاف الجسم يميلون إلي مهنة الطب . وكثيرا ما يؤدي الشعور بالنقص إلي فقد الثقة بالنفس والخوف من المناقشة ومن تحمل التبعات فيكون أثر ذلك بالغا في اختيار المهنة .